يقول اللّه عزّ وجلّ: {يَا أَيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّه وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ} الأنفال:20، وقال اللّه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للّه وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنّ اللّه يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُون} الأنفال:24، ففي هاتين الآيتين وما أشبههما يأمر اللّه عباده المؤمنين بطاعة رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم.
فرض اللّه سبحانه وتعالى على جميع الخلق الإيمان بنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم واتّباعه وطاعته، وإيجاب ما أوجبه، وتحريم ما حرّمه، وجعل طاعته صلّى اللّه عليه وسلّم وامتثال أوامره واجتناب نواهيه من أعظم ما يتقرّب به المسلم إلى اللّه عزّ وجلّ، وذلك لأنّ طاعة الرسول من طاعة اللّه، قال اللّه تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّه} النّساء: من الآية80، وقال تعالى: {وَمَا آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللّه إِنَّ اللّه شَدِيدُ الْعِقابِ} الحشر:7.
وقد أمر اللّه عزّ وجلّ عباده المؤمنين بطاعة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وألزمهم بها في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، وكذا على لسان نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وهذا الأمر معلوم من الدّين بالضّرورة، ولا يسع أحد إنكاره.
والقرآن الكريم أمرنا بطاعة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم طاعة مطلقة في كلّ ما أمر به أو نهى عنه، قال اللّه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّه وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّه وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّه وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} النّساء:59.
وحذّر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مَن يُحاول ردّ أمره وسنّته، بدعوى الاكتفاء بالقرآن الكريم، فعن أبي رافع رضي اللّه عنه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: ”لا ألفين أحدكم متكئًا على أريكته يأتيه الأمر ممّا أمرت به أو نهيت عنه فيقول: لا ندري، ما وجدنا في كتاب اللّه اتبعناه” رواه أبو داود، وعن المقدام بن معد يكرب رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: ”ألا إنّي أوتيتُ الكتاب ومثله معه، ألاَ يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتُم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتُم فيه من حرام فحرِّموه، وإنَّ ما حرَّمَ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- كما حرّم اللّه” رواه الترمذي.
وقد جاءت السُّنَّة النّبويّة الشّريفة بمِثل ما جاء به القرآن الكريم مِنْ وجوب طاعة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، والأحاديث في ذلك كثيرة، منها ما روي عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ”كلّ أمّتي يدخلون الجنّة إلاّ مَن أبَىَ، قيل: ومَن يأبى؟ قال: مَن أطاعني دخل الجنّة، ومَن عصاني فقد أبَىَ” رواه البخاري، وعن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ”مَن أطاعني فقد أطاع اللّه، ومَن عصاني فقد عصى اللّه” رواه البخاري
f